يا ترى ما السبب الذي دعا الإمام السجّاد (عليه السلام) لأن يؤكّد على أنّ أحبّ شيءٍ إلى الله عزّ وجلّ بعد معرفته، عفّة البطن والفرج، ولم يذكر سائر الواجبات والعبادات مثل الصلاة؟ السبب في ذلك أنّ العفّة تحول دون ظهور عوائق تعرقل سلوك الإنسان الديني، ومدى تأثير هذه العوائق عادةً ما يكون أكثر من تأثير العوامل الطارئة، وذلك كما لو يتناول الإنسان باستمرارٍ طعاماً مفيداً ومقوّياً، وإلى جانبه يتناول شيئاً سامّاً أو ملوّثاً بالميكروبات؛ فمن الطبيعي في هذه الحالة لا يكون للطعام ذلك الأثر المرتقب منه. وكذا هو الحال بالنسبة إلى المسائل الروحية، فلو واظب الإنسان على أداء الكثير من العبادات دون أن يتورّع عن ارتكاب المعاصي، سوف تتغلغل في باطنه شوائب ضارّة تبدّد أثر عباداته وتحول دون تحقّق ما يرجى منها؛ لكنّه إن حافظ على سلامة باطنه ونقاوة روحه من أدران المعاصي، سوف تهديه فطرته السليمة إلى سبيل السعادة والكمال.
إذن، ترك المعصية أهمّ من أداء العبادة، لذا نجد الشيطان غالباً ما يوسوس لبني آدم كي يرتكبوا معاصي، ونشاطه الخبيث هذا على مستوى أقلّ بالنسبة إلى ترك العبادة، إذ حينما تستولي الذنوب على وجود ابن آدم فهي تحبط عباداته ولا تجعلها بعد ذلك وسيلةً لتقرّبه إلى ربّه الكريم.
نستنتج ممّا ذكر أنّ أحبّ الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى تتجلّى في ترك معصيتين، إحداهما معصية البطن التي قوامها حبّ الدنيا واكتناز المال وما إلى ذلك من أطماع، والأخرى الشهوة الجنسية.
All rights reserved for Aimmat al-huda istitute.