هذا الحديث المبارك لا يعني كون الإيمان مقتصراً على الخصال الثلاثة المذكورة فيه، بل المقصود منه أنّ من اجتمعت هذه الخصال في شخصيته فقد جُمعت جميع خصال الإيمان فيها، إذ كلّ واحدةٍ منها لا تتحقّق إلا على ضوء تحقّق سلسلةٍ من الخصال الحسنة ممّا يعني أنّها تكشف عن وجود خصالٍ حسنةٍ في شخصية الإنسان.
من المؤكّد أنّ محبّة الإنسان لشخصٍ ما يجب أن لا تسوقه نحو فعل الباطل بحيث يدافع عنه حتّى وإن لم يكن الحقّ معه، كما لا ينبغي لغضبه أن يكون ذريعةً للتعامل بسوءٍ مع الآخرين دون مراعاة حقوقهم، ومن الحكم البليغة المروية عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "الْغَضَبُ مَمْحَقَةٌ لِقَلْبِ الْحَكِيمِ، وَمَنْ لَمْ يَمْلِكْ غَضَبَهُ لَمْ يَمْلِكْ عَقْلَهُ".[1] الحكيم يتصرّف بفكرٍ وحكمةٍ وتأمّلٍ، وإذا غضب سوف ينهار بنيان حكمته؛ إذ الغضب بلاء عظيم يبتلى به الإنسان، فحينما تثور حفيظة الإنسان تُنقض جميع القيم المكنونة في نفسه مثل الحكمة والعقل، وعندما يمتلك سلطةً فلا يحقّ له فعل ما لا يجوز له.
لا شكّ إذا كانت المصالح المادّية هي الهدف من السلطة، فهذه السلطة تصبح أعظم وزرٍ ووبالٍ على صاحبها؛ فالذين يسخّرون سلطتهم ومنصبهم لمآرب شخصية ولكسب منافع مادّية ودنيوية، سوف تعمى قلوبهم وحينما تتعارض مصالحهم الشخصية مع مصالح الناس فإنّهم يعجزون عن العمل لتحقيق المصالح العامّة.
القدرة بحدّ ذاتها ليست نعمةً ولا نقمةً، فهي تكون نعمةً فيما لو سخّرت لطاعة الربّ وخدمة الخلق، لكنّها تصبح نقمةً إذا ما اقتصرت على تحقيق منافع مادّية وسخّرت لإشباع النزوات النفسية.
[1]. تحف العقول، ص ۳۷۱.
All rights reserved for Aimmat al-huda istitute.